إجـراء القوانين الجزائية في عصر الغيبة
دراسة في النظريات والأصول
د. محمد رسول آهنكران(1*)
أ. مـصطفى مـسعوديان(2**)
مـقدمة
يعتبر وجود النظام الجزائي أمراً ضرورياً في كل مجتمع؛ لمواجهة الظاهرة الإجرامية ومنع حدوثها.
وفي هـذا الإطار وضعت الشريعة المقدَّسة في الإسلام السياسات الجزائية الخاصة للمجتمع البشري. ومن جـملة هذه السياسات إجراء العـقوبات الحـدّيّة؛ لمواجهة بعض الجرائم، مثل: الزنا، اللواط، السرقة، والمحاربة، و...
والحدّ في اللغة هو «نهاية كلّ شيء، والفصل بين الشيئين، وجمعه الحدود»(296). ولا يبعد هذا المعنى عن المعنى الاصطلاحي، وهو الجزاء الشرعي المعين.
ومن هنا قـيل في تعريف الحدّ: الحد عقوبة مُقدَّرة شرعاً لجريمة معينة(297).
يتبيّن من خلال الأدلة التي سوف نذكرها فيما بعد أن الله سبحانه وتعالى قد فوّض النبي الأكرم| والأئمة المعصومين^ ولاية إجراء هذه الحدود. إلا أن من جملة الأسئلة المـطروحة فـي المحافل العلمية الفقهية: هل يمكن إجراء هذه الحدود لمواجهة هذه الجرائم في عصر الغيبة أم لا؟ وبعبارة أخرى: السؤال الأساسي الذي نبحث عن إجابة علمية له هو: هل يجوز إجراء الحدود في زمن غـيبة الإمـام المعصوم أم لا؟ وإذا كان جائزاً فمَنْ هو الشخص المكلَّف بإجراء هذه الحدود؟
ويمـكن تـقسيم مجمل الآراء التي ذكرها الفقهاء في هذا المجال ـ طبقاً للمباني المختلفة ـ إلى ثلاثة: ذهبت مجموعة من الفقهاء إلى جواز إجراء الحدود؛ في حين قال آخرون بالتعطيل؛ أما الطائفة الثالثة فقالت بالتوقف فـي الحـكم. وسـوف نقوم بطرح الرأي الصحيح في هـذه المـسألة مـن خلال دراسة الآراء المذكورة، والمباني، مع الأخذ بنظر الاعتبار التغيُّرات الحادث في النظام الجزائي.
أدلة القائلين بجواز إقامة الحدود
تمسَّك هؤلاء الفقهاء غـالباً بـمبنيين: عـقلي؛ ونقلي؛ لإثبات مدّعاهم، وهما:
أـ الأدلة العقلية
من أهم الأهـداف التـي يتوخّاها الإسلام في إقامة الحدود وتشريع العقوبات الجزائية هو الحيلولة دون وقوع الفساد والفسوق والفجور، وانتشارها في المجتمع.
وقد التـفت هـؤلاء إلى هـدف الشارع المقدَّس والحكمة من التشريع، وأن تقييد إجراء الحدود بزمن خـاصّ ـ أي زمان حضور الإمام المعصوم مثلاً ـ ينافي ذلك الهدف، فالحكمة التي اقتضت تشريع الحدود تقتضي إجراء الحدود في زمن غـيبة الإمـام المـعصوم× أيضاً.
وفي هذا السياق يقول صاحب الجواهر: «...وبأنَّ تعطيل الحدود يفـضي إلى ارتـكاب المحارم، وانتشار المفاسد، وذلك مطلوب الترك في نظر الشارع؛ وبأن المقتضى لإقامة الحد قائم في صورتي حـضور الإمـام وغـيبته، وليست الحكمة عائدة إلى مقيمه قطعاً، فتكون عائدة إلى مستحقّه أو إلى نوع من المكلَّفين، وعـلى التـقديرين لابـدّ من إقامته مطلقاً...»(298).
ومن الفقهاء الذي ذكروا هذا المبنى؛ لإثبات جواز إقامة الحدود في عصر الغـيبة: العـلامة الحـلي(299)، فخر المحققين(300)، الشهيد الثاني(301)، السيد الخوئي(302).
ب ـ الأدلة النقلية
1ـ إطلاق الأدلة
إنّ القائلين بجواز إقامة الحدود فـي عـصر الغيبة يعتقدون أن الأوامر الشرعية الواردة في الآيات والروايات مطلقة، ولم تقيَّد بأيّ قيد ـ أعمّ من أن يكون القيد زمـانياً أو مـكانياً ـ، ولذلك فـلا يمكن أن يُقال؛ إن إجراء هذه الأوامر مختصة بمكان خاص أو زمان خاص، كزمان حضور الإمـام المـعصوم مثلاً. ومن هنا قال السيد الخوئي: «إنّ أدلة الحدود ـ كتاباً وسنة ـ مطلقة، وغير مـقيدة بـزمان دونـ زمان؛ لقوله سبحانه: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ (النور: 2)، وقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسـَّارِقَةُ فـَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ (المائدة: 38). وهذه الأدلة تدل على أنه لابدّ من إقامة الحدود، ولكنها لا تـذكر شـخصية المـتصدّي لإقامتها...»(303).
ومن الفقهاء الآخرين الذين استندوا إلى إطلاق الأدلة لجواز إقامة الحدود في عصر الغيبة يمكن أن نذكر صـاحب الجـواهر(304)، والفـيض الكاشاني(305).
يتبادر إلى الذهن لأول وهلة؛ من خلال ملاحظة بعض الكلمات: (فاجلدوا) و(فاقطعوا)، أنـّ وظـيفة إجراء الحدود يقع على عاتق جميع المسلمين.
ولكن الظاهر إنّ إطلاق هذه الآيات مقيَّد ببعض الأدلة في مقام إجـراء الحـدود. ومن هنا فلا يصحّ التمسُّك بالإطلاق، فنقول: بما أن العبارة (فاقطعوا) أو (فـاجلدوا) مـطلقٌ فإن تنفيذ وإجراء الحدود يقع على عـاتق جـميع المـسلمين؛ لأن العمل بالإطلاق إنّما يصحّ فيما إذا لم يرِدْ دليل على التـقييد. وقـد قُيّدت هذه الأدلة ببعض الروايات، مثل: رواية حفص بن غياث، قال: سألتُ أبا عبدالله× قلتُ: مـَنْ يقـيم الحدود السلطان أو القاضي؟ فقال: إقامة الحـدود إلى مـَنْ إليه الحكم(306). ومـن هـنا فـإن عموم المسلمين لا يستطيعون إقامة الحدود الشـرعية طـبقاً لهذه الرواية، بل يختص بمَنْ كان الحكم بيده فقط. ومن جهة أخرى إذا كان جميع المـسلمين مـكلَّفين بإجراء الحدود فإنّ هذا يؤدي إلى اختلال النـظام، وشيوع الهرج والمرج فـي المـجتمع.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هـو: مـَنْ هم هؤلاء الأشخاص الذين أشارت إليهم العبارة «من إليه الحكم». ومع ملاحظة بعض الأدلة، مـن قـبيل الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهـَ وَأَطـِيعُواْ الرَّسـُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ (النـساء: 59)، والآية: ﴿إِنـَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينـَ آمـَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ (المائدة: 55)، تثبت حاكمية وولاية النبي الأكرم| والأئمة المعصومين^ في إجـراء الأحـكام الإلهية، وخصوصاً الحدود الشرعية. وقد نـصّب الأئمـة^ بعض الأفـراد فـي مـناطق مختلفة؛ للقضاء وإجراء الحـدود الشرعية. وفي الحقيقة فإن المقصود من العبارة السابقة «من إليه الحكم» في الرواية المذكورة هم المـنصَّبون مـن قبل الأئمة^ خاصة. ولكن السؤال المهمّ المـطروح هـنا هـو: مـَنْ هـو المقصود بالعبارة: «مـن إليه الحـكم»؟ وبعبارة أخرى: مَنْ هو المكلّف بإجراء الأحكام الإلهية في عصر غيبة الإمام المعصوم^، ومن جملتها الحـدود الشرعية؟ يمـكن القـول إجمالاً: إنّ المكلَّف بهذه الوظيف هو الفـقيه الجـامع لشـرائط الإفـتاء، عـند القـائلين بجواز إقامة الحدود. ومن هذا المنطق لا يوجد لدينا دليلٌ لتعطيل إجراء الحدود الإلهية بسبب الغيبة. ومن هنا فإن المقصود بالعبارة: «من إليه الحكم» في رواية حفص هو الفقيه الجامع لشـرائط الإفتاء، وذلك في زمان الغيبة.
2ـ الروايات
وردت روايات متعدِّدة من قبل المعصومين^ في باب (الحدود)، إلا أن الروايات التي استدلّ بها القائلون لإثبات جواز إقامة الحدود قليلة. وقبل التعرض لتلك الروايات من الضروري أن نذكر أنّ هدف الفـقهاء مـن الاستدلال بهذه الروايات هو الإجابة عن سؤال تعرضنا له سابقاً، وهو: مَنْ هو المكلف بإجراء الحدود الشرعية في زمن غيبة الإمام المعصوم×؟ فالقائلون بجواز إقامة الحدود في عصر الغيبة من قبل الفـقيه الجـامع لشرائط الفتوى يستندون إلى هذه الروايات. ومن جملة هؤلاء الفقهاء: الشيخ المفيد(307)، والعلامة الحلي(308)، وكاشف الغطاء(309)، والشهيد الأول(310).
ومن هذه الروايات:
أـ مقبولة عمر بن حنظلة
«محمد بـن يحـيى، عن محمد بن الحسين، عـن مـحمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داوود بن الحسين، عن عُمر بن حنظلة، قال: سألت أباعبدالله× عن رجلين من أصحابنا، بينهما مُنازعة في دَيْن أو مـيراث، فـتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحلُّ ذلك؟ قـال: مـَنْ تحاكم إليهم في حقٍّ أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سُحتاً، وإن كا حقّاً ثابتاً له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقـَدْ أُمـِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ﴾ (النساء: 60)، قلتُ: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران إلى مَنْ كان منكم، ممَّنْ قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً؛ فإني قد جعلته عليكم حاكماً...» (311).
دلالة الحديث
بقرينة كلمة (الطـاغوت)، الذي مـُنع المسلمون مـن الرجوع إليه، نصَّب الإمام× الفقهاء بدلاً عنهم. فالأعمال الحكومية التي كان يقوم بها الطاغوت لابدّ أن تُجرى عن طـريق الفقهاء العدول، وموضوع القضاء وإجراء الأحكام الإلهية إما أن يتصدوا لها مـباشرة أو بـواسطة قـضاة منصوبين من قبلهم. والشاهد الآخر هي الجملة التي ذكرها الإمام كتعليل لإرجاع الناس إلى الفقهاء، فعلى الرغم مـن أن السـائل قد سأل عن التنازع في مسألة الدين أو الميراث، إلا أنّ الإمام قال: فإني قد جـعلته عـليكم حـاكماً... ومن البديهي إنَّ كلمة (الحاكم) استُعملت هنا بمعنى (القاضي)، وأنّ أحد شؤون القاضي هو إجـراء الأحكام الصادرة(312).
ب ـ رواية إسحاق بن يعقوب
«عن محمد بن عصام، عن محمد بن يعـقوب، قال: سألت محمد بـن عـثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان#: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله...»(313).
دلالة الحديث
يرى الشيخ الأنصاري أنـَّ المقصود من كلمة «الحوادث» في هذه الرواية هو (مطلق الأمور التي لابدّ من الرجوع فيها عُرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس)(314). ولذلك فإنها تشمل بيان الأحكام الشرعية، والتحقيق في الشكاوى، والتصدي للأمور الاجتماعية.
وكذلك يحتمل احتمالاً كبـيراً أنـّ المراد بـ (الحوادث) في هذه الرواية هي المسائل الشرعية، والمشاكل التي تحصل للناس، ولذلك سوف يختصّ إرجاع الأمر إلى الفقهاء عن طريق الإمام بالمسائل والمشاكل الشرعية، طبقاً لهذا الاحتمال. أما أمور التصدي للأحـكام الإلهـية الولائية فلم تفوَّض إلى الفقهاء من قبل الإمام×.
وقد ردَّ الشيخ الأنصاري هذا الاحتمال، معتقداً أنّ المقصود من الحوادث في هذه الرواية هو إرجاع الناس إلى رواة الحديث في الأمور الاجتماعية والحكومية، لا المسائل الشرعية فـي الحـلال والحرام؛ أولاً: لأنّ الإمام× أرجع الناس إلى الفقهاء في أصل الحوادث، لا في حكمها، فإذا كان الإمام قد قال: يرجع الناس إلى الفقهاء في (أحكام الحوادث) يمكن حينئذ أن نقول: إنّ الفقهاء حجّة وخـليفة إمـام الزمـان# في بيان الحلال والحرام، لا فـي الأمـور السـياسية والاجتماعية، ولكن الناس قد أرجعوا في نفس الحوادث في هذه العبارة. ثانياً: لأنّه يستفاد من جملة: (فإنهم حجتي عليكم) أنّ عـمل الفـقهاء المـنصوبين من قبل الإمام المعصوم× هي مسألة الإمامة وأمـور الاجـتماع؛ لأنه إذا كان الفقهاء منصوبين لبيان الأحكام الإلهية فقط لكان المناسب التعبير بـ (فإنّهم حُجج الله)، لا (حُجّتي)، فكما أن الإمام× حجّة الله؛ باعتباره مـُبيِّناً للأحـكام الإلهـية، فالفقهاء هم حجج الله أيضاً من هذه الجهة، لا حجّة إمـام الزمان، وحينئذ يكونون حجة إمام الزمان، ولابدّ أنّ يتصدى لقضايا المجتمع إذا كان حاضراً، وبما أنه غائب فقد حوّل تـلك الأمـور إلى الفـقهاء في مسائل الحلال والحرام.
وبيان الأحكام من المسائل الشائعة بين المـسلمين، ومـن المؤكّد أنّ مثل هذه المسائل الواضحة لا يمكن أن تخفى على شخص مثل: إسحق بن يعقوب، بحيث تـستوجب مـنه أن يسـأل الإمام إلى مَنْ يرجع المسلمون في مسائلهم الشرعية.
إلا أن الرجوع في الأمور الاجتماعية والمـصالح العـامة لا تـحظى بذلك الوضوح؛ لأنها ربما أوكلت إلى شخص أو أشخاص، كما هو الحال في زمان الغيبة الصغرى. ومـن هـنا فـإن كلّ سؤال في هذا المجال كان في محله، والإمام في معرض الإجابة قد حول الأمور العـامة للمـسلمين إلى الفقهاء أيضاً(315).
جـ رواية حفص بن غياث
«عن حفص بن غياث، قال: سألت أبـا عـبد اللهـ×: مَنْ يقيم الحدود، السلطان أو القاضي؟ فقال: إقامة الحدود إلى مَنْ إليه الحكم»(316).
استنبط السيد الخوئي ـ كغيره مـن الفـقهاء ـ جواز إقامة الحدود في عصر الغيبة بالاستفادة من هذه الرواية. يقول&: فإنها بضميمة مـا دلّ عـلى أنـّ مَنْ إليه الحكم في زمان الغيبة هم الفقهاء دلّت على أنّ إقامة الحدود إليهم ووظيفتهم(317).
مناقشة مـستندات القـائلين بالجواز
أُشكل على بعض رواة مقبولة عمر بن حنظلة من جهة السند. فـعلى سـبيل المـثال: ضعّف الشيخ الطوسي في (رجاله) ما يرويه محمد بن عيسى الوارد في سلسلة أسناد هذه الرواية(318). إلا أنـَّ ضـعف هـذه الرواية قد جُبر بعمل صحابة الأئمة^(319). ومن هنا أصبحت موضع قبول الأصحاب، فـاشتهرت بـهذا الاسم (مقبولة). ومن هنا يمكن الاستدلال بهذه الرواية للقول بجواز إقامة الحدود في عصر الغيبة.
أما (التـوقيع الشـريف) فقد شكّك أحد الفقهاء المعاصرين في دلالته قائلاً: وأما التوقيع فلعدم مـعلومّية المـراد من الحوادث؛ لاحتمال كون اللام للعهد في كلام السائل، وهـو إشـارة إلى نـفس الحوادث المذكورة في الرسالة، ولعدم علمنا بـهذه الحـوادث فإنّ التمسك بهذه الرواية لإثبات المدَّعى غير مفيد(320). ونرى أنّ هذا الاحتمال غير وارد؛ لأنـّ المـقصود من (الحوادث الواقعة) هي الوقـائع الاجـتماعية التي تـحصل للنـاس والمـسلمين.
ومن جهة أخرى فإن السائل لم يسـأل الإمـام في حادثة خاصة، بل عن مطلق الحوادث، فإجابة الإمام بالرجوع إلى رواة أحاديثنا (الفـقهاء) بـصورة عامّة(321). ومن هنا فالألف واللام الموجودة فـي (الحوادث الواقعة) هي للاسـتغراق، وشـاملة لجميع الحوادث والمشاكل الاجتماعية.
ومـن هـذا المنطلق يمكن القول بأنَّ هذه الرواية تدلّ ـ وبصورة واضحة ـ على جواز إقامة الحدود مـن قـبل الفقيه الجامع للشرائط.
يرى السيد أحـمد الخـوانساري أنـّ رواية حفص بن غـياث تـواجه إشكالاً دلالياً؛ لأن الوارد في الرواية المذكورة هـو الإجـابة عن سؤال يقول: مَنْ هو الذي يقيم الحدود، السلطان أم القاضي؟ فجاء الردّ: إقامة الحدود إلى مَنْ إليه الحكم. مـن هـنا لا يمكن أنّ نستنتج فيها أنّ القـاضي يجـوز له إقامة الحـدود؛ لأنـّ القـاضي له الحكم من طرف المـعصوم، ولا يقال: إليه الحكم(322).
والمقصود من الإشكال الوارد على دلالة هذا الحديث ليس واضحاً. والظاهر أنّ المقصود من (إليه الحكم)، مـع الأخـذ بنظر الاعتبار الأدلّة المذكورة في عصر الغـيبة، هـو الفـقيه الجـامع للشـرائط، والمفوّض لإدارة المجتمع الإسـلامي. والفـقيه في زمن غيبة الإمام المعصوم له جميع وظائف النبي| والأئمة^، إلا إذا دلّ دليل خاص على استثناء بعض الشؤون التي تختص بـالنبي أو الإمـام؛ لأنـ الفقيه هو النائب العامّ للمعصوم، ولازم ذلك أنّ له حـقّ التـدخل فـي جـميع مـا ينـوب به، وبما أنّ أحد شؤون الحكومة، بل من أهمها، إجراء الأحكام الإلهية في المجتمع فالفقيه الجامع للشرائط موظَّف بإجراء الأحكام والحدود الشرعية.
ومع ضمّ هذه الرواية إلى الروايات الأخرى التـي تدلّ على أن إجراء الأحكام الإلهية في زمن الغيبة هي بيد الفقهاء يمكن أن نستنتج أنّ الفقيه الجامع للشرائط يمكنه إقامة الحدود الشرعية في زمن الغيبة.
أدلّة القائلين بتعطيل الحدود
إلى هنا تناولنا بـحث ودراسـة المجموعة الأولى القائلة بجواز إجراء الحدود في عصر الغيبة، ومبانيهم العقلية والنقلية. إلاّ أنّ هناك طائفة أخرى من الفقهاء لم تُجِزْ إجراء الحدود الإلهية في عصر غيبة الإمام المعصوم؛ لأن ذلك يختصّ بالإمام المـعصوم. ومـن جملة هؤلاء الفقهاء: ابن إدريس في كتاب (السرائر)، حيث يقول: «وأما إقامة الحدود فليس يجوز لأحد إقامتها، إلا لسلطان الزمان المنصوب من قبل الله تعالى، أو مـَنْ نـصَّبه الإمام لإقامتها...»(323).
ومن الفقهاء المـتقدمين الذين ذهـبوا إلى هذا الرأي أيضاًَ ابن زهرة(324)، والمحقق الحلّي في كتاب (الشرائع)، الذي قال بأنه لا يجوز إقامة الحدود في زمن حضور الإمام إلا له، أو للشخص المنصّب من قبله، وفي تـتمة الحـديث نسب القول بجواز إقـامة الحـدود في زمن الغيبة إلى جماعة، دون ذكر الاسم، قائلاً: وقيل: يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود في حال الغيبة(325). ومن خلال التعبير (قيل)، وعدم ذكر القائل، إضافة إلى مخالفته أو على الأقلّ ترديده، يتّضح أنه يرى أنـّ القـول بالجواز شاذٌّ ونادر.
ومن الفقهاء الآخرين الذين ذهبوا إلى أن إقامة الحدود مختصّ بالإمام المعصوم، والقائلين بتعطيل الحدود في زمن الغيبة، السيد أحمد الخوانساري، حيث يقول في كتاب (جامع المدارك)، وهو شرح مـوجز عـلى كتاب (المـختصر النافع)، للمحقق الحلّي: «وقد يؤيَّد ما ذُكر بأنّ تعطيل الحدود يفضي إلى ارتكاب المحارم، وانتشار المفاسد، وذلك مبغوض في نظر الشـارع، وبأن المقتضي لإقامة الحدّ قائم في صورتي حضور الإمام× وغيبته، وليسـت الحـكمة عـائدة إلى مقيمه قطعاً، فتكون عائدة إلى مستحقّه أو إلى النوع من المكلَّفين، وعلى التقديرين لابدّ من إقامته مطلقاً. ويمكن أن يقال: لازم مـا ذُكر وجـوب إقامة الحدود في كلّ عصر من دون حاجة إلى نصب المعصوم، فقبل صدور المقبولة والمشهورة وصـدور التـوقيع الشـريف كانت إقامة الحدود لازمةً، من دون حاجة إلى الإذن، بل اللازم تصدّي عدول المؤمنين، بل فسّاقهم، مع عدم التـمكّن للمجتهدين، كما يقال في حفظ مال القصّر والغيّب. وهذا كما ترى، فلا يبـعد أن يكون هذا الأمر أيضاً مـن الأمـور المخصوصة بالمعصومين صلوات الله عليهم، أو المنصوبين بالخصوص من قبلهم، كالجهاد مع الكفّار، غير المجوَّز لغيرهم وغير المنصوبين من قبلهم»(326).
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه على فرض القول بالتعطيل لابدّ من تـبديل الحد بالتعزير، بمعنى أن الحكومة تراعي مسألة الزمان والمكان والشخص، فتقوم بتعزير المذنب(327).
المناقشة
تمسَّك القائلون بتعطيل الحدود بالإجماع. فقد ذهب السيد أحمد الخوانساري إلى أنّ القول بتعطيل الحدود هو قول المشهور، بـل إنـه اعتبر أنّ هذا القول هو قول مشهور الفقهاء. بل قال: إن بعض الفقهاء قد ادّعى الإجماع في هذه المسألة. والظاهر أن المراد هو ابن إدريس وابن زهرة(328). وقد ظهر في ذكر الفقهاء القـائلين بـالجواز أنّ مشهور الفقهاء قد ذهبوا إلى جواز إقامة الحدود، لا تعطيلها، وهذا ما ذكره صاحب الجواهر قائلاً: إنّ كلام ابن زهرة وابن إدريس لا يظهر منه عدم الجواز، بل إنّ قولهم موافق للإجـماع عـلى جواز إقامة الحدود(329).
والذي نراه أنه لا يمكن استنباط اختصاص إجراء الحدود بالإمام من ظاهر كلام ابن زهرة؛ لسببين:
1ـ إنّ إجراء الحدود في رأي الفقهاء هو وظيفة الإمام المعصوم أو الشخص المنصّب من قـبله. وكمـا ثـبت سابقاً فإن الفقهاء الجامعين للشـرائط فـي زمـن الغيبة هم نوّاب الأئمة المعصومين^، ومأذونون من قبلهم في إجراء الأحكام الإلهية. ومن هنا فلا يفهم من كلام هؤلاء الفقهاء هذا عـدم الاخـتصاص فـقط، بل إنّ كلامهم يؤيد القول بجواز إقامة الحدود عـن طـريقهم؛ باعتبارهم نواب الإمام المعصوم، في عصر الغيبة أيضاً.
2ـ ذهب ابن إدريس ـ وبصورة واضحة ـ إلى أن وظيفة الحكم والقضاء بين الناس في زمـن الغـيبة هـي بيد الفقيه الجامع للشرائط(330). ومن البديهي أنّ مَنْ يقبل بـمنصب القضاء والإفتاء في زمن الغيبة سوف يقبل بمنصب الإجراء والتنفيذ أيضاً؛ لتلازم القضاء مع الإجراء؛ لأن القضاء وحكم القـاضي كفـتوى المـجتهد، ليس من جهة بيان الحكم فقط، بل إنّ حكم القاضي يراد مـنه فـصل الاختلاف، وهذا لا يتيسر بدون القوة الإجرائية والتنفيذية.
أما المحقق الحلّي فعلى الرغم من أنه عبّر بــ (قـيل) عـن جواز إقامة الحدود عن طريق الفقهاء في كتاب (الشرائع)، إلا أنّ رأيه في تـفويض أمـر الحـكم والقضاء للفقهاء جامعي الـشرائط يمكن أن نستنتج منه أنّ المحقِّق يقبل بإجراء الحدود من قـبل الفـقهاء فـي عصر الغيبة إلى حدٍّ ما؛ للسبب الذي ذكرناه سابقاً، وهو أنّ مَنْ يقبل بمنصب الفتوى والقـضاء للفـقيه في زمن الغيبة عليه أن يُسلِّم بمنصب التنفيذ للفقيه أيضاً؛ وذلك من باب تلازم مـسألة القـضاء مـع التنفيذ؛ لأن القضاء بدون تنفيذ لا ثمرة له. ومن هنا فالحقّ أن نقول: إنّه من القائلين بجواز إقـامة الحـدود من قبل الفقيه الجامع للشرائط.
أما ما ذهب إليه السيد الخوانساري فلا يخلو مـن نـقد؛ لأنـه وإن كانت أدلة إقامة الحدود مطلقة، ولم تقيّد بزمن خاص، ولكن كما قلنا سابقاً فإن عامة المسلمين لا يمكن أنـ يكونـوا مكلَّفين بإقامة الحدود؛ لأن مثل هذه الأمور تؤدي إلى اختلال النظام، وشيوع الهرج والمـرج.
ومـن هـذا المنطلق فإنّ إطلاق أدلة الحدود مقيَّد بوجود المنفّذ الصالح، وهو ـ كما قلنا ـ الفقيه الجامع للشرائط فـي عـصر الغـيبة.
ومن هنا لا يمكن القول: إنّ أدلة الحدود غير ناظرة لشخصية القائمين بالتنفيذ؛ بـاعتبارها أدلّة مـطلقة.
أما القول بتبديل الحدود بالتعزير ـ على فرض القول بتعطيل الحدود ـ فلا يخلو من إشكال أيضاً؛ لأن هـذه الطـائفة من الفقهاء ترى أنّ الحدود مختصّة بالإمام فقط، أما إقامة التعزيرات فـإنها فـاقدة لهذا الشرط. ثم إنّ إقامة الحدود والتـعزيرات ليس بـينهما تـفاوت من حيث المنفِّذ والقائم بالإجراء. ومن هـذا المـنطلق فإذا قلنا: إنّ الفقهاء لا يمكنهم إجراء الحدود في عصر الغيبة فلا بدّ أن نـقول: إنـه لا يمكنهم إجراء التعزيرات أيضاً. والحـقيقة أنـّ سلب صـلاحية الفـقيه فـي إجراء الحدود سوف يكون في نهاية الأمـر سـلباً لصلاحيته في إجراء التعزير أيضاً.
اتجاه التوقف في المسألة
اختار بعض الفـقهاء القـول بالتوقف في مسألة جواز أو عدم جـواز إقامة الحدود في عـصر الغـيبة. ومن هؤلاء: العلامة الحلّي فـي كتـاب (منتهى المطلب)، فقد قال: ضمن نقل رواية حفص بن غياث عن الإمام الصادق×: جـزم الشـيخ الطوسي والمفيد في العمل بـهذه الرواية، فـحكما بـإقامة الحدود، ثم قـال: «وعـندي في ذلك التوقف»(331).
قال المـقدَّس الأردبـيلي في بيان وجه توقُّف العلاّمة: ربما يكون وجه التوقُّف هو عدم صحة الرواية، أو ربما يكون المراد مـن عـبارة: «من إليه الحكم» في الرواية هو الإمـام المـعصوم، أو أنّ الحـديث صـدر عـن الإمام× تقيةً(332).
ومن الفـقهاء المعاصرين يمكن ذكر الميرزا القمي، الذي توقف في جواز إجراء الحدود عن طريق المجتهد في زمن الغـيبة، وجـوّز التعزير فقط(333).
إنّ الظاهر أن العلامة الحـلّي قـد بـيَّن رأيه القـطعي فـي هذه المسألة فـي سـائر آثاره، ومنها: قواعد الأحكام(334)، ومختلف الشيعة(335). وبما أنه قد اختار القول بجواز إقامة الحدود في عـصر الغـيبة عـن طريق الفقهاء في هذين الكتابين لابدّ أن نـعدّه مـن الذاهـبين إلى جـواز إقـامة الحـدود. ويفهم من رأي الميرزا القمي أنّ الحدود يختصّ إجراؤها بالإمام المعصوم فقط، أما التعزيرات فهي فاقدة لمثل هذا الشرط، مع أن الشيخ الطوسي يقول: «التعزير إلى الإمام بلا خلاف»(336).
ومـن هذا المنطلق فإن نفي صلاحية الفقيه في إجراء الحدود سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى نفي صلاحيته في إجراء التعزيرات أيضاً، مع أن الاختلاف بين الحدّ والتعزير أنَّ الأول له حدٌّ وميزان معين من قـبل الشـارع، أما الثاني فموكولٌ إلى اختيار الحاكم الإسلامي. وطبقاً لرأي مشهور الفقهاء فإن كلّ ما له جزاء معين فهو حدٌّ، وكل جزاء ليس له تعيين من قبل الشارع فهو تعزير(337).
ومن هنا ـ وكما يقول صاحب الجواهر ـ لا وجـه للتـوقُّف في مسألة إقامة الحدود مع وجود الأدلة العقلية والنقلية(338).
إلى هنا يتضح أنّ الحكم الأولي في هذا الموضوع هو جواز إجراء الحدود في زمان الغيبة عـن طـريق الفقيه الجامع للشرائط، أما إذا أدّتـ إقـامة الحدود بكيفية خاصة في برهة زمانية معينة إلى نفور الناس من الإسلام وأحكامه، وتضعيف أساس الدين، فالظاهر أن الحاكم الإسلامي يمكنه حينئذ أن يعطِّل إجراء تـلك الحـدود بصورة مؤقَّتة، ريثما تـتهيأ الأفـكار العامة لقبولها ومعرفة علّة وضعها. وقد وردت رواية عن الإمام علي× في هذا المجال، حيث قال: «لا أقيم على رجلٍ حدّاً بأرض العدو حتى يخرج منها؛ مخافة أن تحمله الحميّة فيلحق بالعدوّ»(339). ويُفهم مـن هـذه الرواية أنه إذا تعارض إجراء الحدود مع المصالح العليا للإسلام فلابدّ من ترجيح الأهم، وهو حفظ مصالح الإسلام، على المهمّ، وهو إقامة الحد. يقول الفاضل المقداد في كتاب (كنز العرفان)، في ذيل الآية: ﴿وَلْيَشـْهَدْ عـَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مـِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النور: 2): إن العلة في تقييد (الطائفة) بالمؤمنين أنه ربما يكون مشاهدة إجراء الحدّ من قبل الكفّار مـانعاً لهم من الإسلام. ومن هنا عُدََّ إقامة الحدّ بأرض العدو غـير مـرغوب فـيه(340).
ومن المؤكَّد أنّ التعطيل المؤقَّت للحدّ لا يعني رفع القانون والأحكام الإلهية، بل هو توقُّف في كيفية إجـرائه، وأنـّ الحاكم لابدّ أن يستبدل الحدّ بعقوبة أخرى.
ويمكن الإشارة إلى أن من الفقهاء المعاصرين الذين ذهـبوا إلى هـذا الرأي: الشـيخ منتظري(341)، والشيخ صانعي(342).
النتيجة
من خلال دراسة ومناقشة الآراء المختلفة للفقهاء في مسألة إجراء الحدود فـي عصر الغيبة يمكن الخروج بالنتائج التالية:
1ـ إنّ الحكم الأولي في هذا الموضوع هو جـواز إقامة الحدود في عـصر الغـيبة من قبل الفقيه الجامع لشرائط الفتوى.
2ـ لا يحظى القول بتعطيل الحدود في عصر الغيبة، وإبداله بالتعزير، بأيّ مبنى منطقي أو علمي، بل هو مخالف للأدلة والموازين الفقهية والحقوقية.
3ـ لا وجه للتوقُّف في حكم إقامة الحـدود في عصر الغيبة مع وجود الأدلة العقلية والنقلية في هذه المسألة.
4ـ إذا أدّت إقامة الحدود في برهة زمانية وبكيفية خاصة إلى نفور الناس من الإسلام وأحكامه، ومن ثم تضعيف أساس الدين، فيمكن حينئذٍ للحاكم الشرعي أن يعـطّل ذلك الحـدّ مؤقَّتاً، من باب العنوان الثانوي، إلى أن يحين الوقت المناسب، من خلال تهيئة أفكار الناس لقبول مثل هذه الأحكام.
الهوامش
فرهنگ معين: 213.
) التبريزي، أسس الحدود والتعزيرات: 7.
) جواهر الكلام 12: 396.
) منتهى المطلب: 463.
) إيضاح الفوائد: 297.
) أحـمد العـاملي، زين الدين بن علي (الشهيد الثاني): 107.
) الخوئي، مباني تكملة المنهاج: 273.
) المصدر نفسه.
) جواهر الكلام 21: 396.
) مفاتيح الشرائع: 150.
) وسائل الشيعة 18: 238.
() المفيد، المقنعة: 810.
) الحلي، مختلف الشيعة 4: 464.
) كشف الغطاء: 420.
) اللمعة الدمشقية: 75.
) الكافي: 54.
) حبيب الله طـاهري، تـحقيقي پيرامون ولايت فقيه: 210.
) وسائل الشيعة 18: 238.
) الأنصاري، المكاسب: 555.
) المصدر السابق: 556.
) وسائل الشيعة 18: 338.
) الخوئي، مباني تكملة المنهاج: 275.
) رجال الطوسي: 585.
) الخميني، ولاية الفقيه: 48.
) الخوانساري، جامع المدارك 5: 59.
) الخميني، كتاب البيع: 68.
) الخوانساري، المصدر نفسه.
) ابن إدريس الحـلّي، السـرائر: 24.
) ابـن زهرة، غنية النـزوع: 622.
) المحقق الحـلّي، شـرائع الإسـلام 1: 392.
) جامع المدارك 5: 412.
) المحقق الداماد، قواعد الفقه (القسم الجزائي): 296.
) جامع المدارك 5: 411.
) جواهر الكلام 21: 393.
) السرائر 2: 25.
) الحلّي، قواعد الأحكام: 994.
) المحقق الأردبيلي، جمع الفائدة والبرهان: 28.
) المـيرزا القـمي، جـامع الشتات: 764.
) قواعد الأحكام: 525.
) مختلف الشيعة: 463.
) الطوسي، الخلاف 5: 497.
) جـواهر الكلام 21: 254 ـ 255.
) جـواهر الكلام 21: 393.
) وسائل الشيعة 18: 318.
) الفاضل المقداد، كنـز العرفان: 342.
) منتظري، مجازاتهاى إسلامي وحقوق بشر (العقوبات الإسلامية وحقوق الإنسان): 103.
) صانعي، مجمع المسائل: 81.